كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن المستعبدين والحراطين في بلادنا وأبدي الكثير من مواطنينا عدم التفهم وكثيرا من الاستغراب لمطالب هؤلاء، وحسب الكثير من البيظان فإن العبودية لم تعد موجودة وتوجد قوانين لتجريمها، إذا لم كل هذه الضجة؟ ألم نعش في سلام طيلة قرون؟ لماذا هذا الخطاب العنصري؟ لماذا يحرق هؤلاء الكتب ويهاجموا بعض علماء البيظان؟ أليس كل هذا من الماضي؟
لإجابة هؤلاء وجب توضيح ما معني أن تكون مستبعدا وما معني أن تكون حرطانيا ؟
وعليهم وضع أنفسهم مكان الآخر لفهم الأمور بشكل أحسن.
أن تكون حرطانيا أو مستعبدا يعني أنك إنسان ناقص الحقوق بالنسبة للمجتمع وفي أسفل السلم الاجتماعي .
أن تكون حرطانيا أو مستعبدا يعني أنك خلقت للأعمال الجسدية تقوم برعي الغنم وحفر الآبار وغرس النخيل وسلخ الحيوانات.
أن تكون مستعبدا أو حرطانيا يعني أنك محروم من التعليم والتحصيل لا تملك حقا في الغنم التي ترعي ولا نصيبا من الارض التي تحرث.
أن تكون مستعبدا أو حرطانيا يعني أن دينك ناقص فلا زكاة تجب عليك ولا حج ولا جمعة وحتي ابنتك ان أردت تزويجها يمكن فسخ زواجها إن لم تشاور أسيادك وأسيادها .
أن تكون مستعبدا أو حرطانيا يعني أنك لست من الفلانيين بل أنت إذا كنت محظوظا للفلانيين أما إذا لم تكن محظوظا فربعك لأهل فلان وثلثك ورثته فلانة من تركة والباقي أعطاه فلان في نذر .
أن تكون مستعبدا أو حرطانيا يعني أن كل من هب ودب يمكن أن يعطيك أوامر حتى لو لم يكن يعرفك وينتظر منك فقط تنفيذها .
أن تكون مستعبدا أو حرطانيا يعني أن تقوم كطفل بأعمال المنزل وشراء الحاجات أو سياقة "شارتات" بينما الاطفال الآخرون في المدرسة أو في اللهو أو للعب.
أن تكون مستعبدا أو حرطانيا يعني أنك إخوتك وأخواتك متفرقون بين المنازل تخدمون الآخرين وأبناءهم، يعني أن تري والدتك العزيزة يرسلها صبي لم يبلغ العاشرة لشراء الحلوي له من الدكان وتراها تحمل اطفال الآخرين وأنت لا أحد يحملك.
ان تري شباب البيظان يحترمون كل كبير ولا يدخنون أمامه إلا جدك فإنهم يملؤونه من الدخان بل يطلبون منه أعواد الكبريت بكل وقاحة.
يعني أن تعيش في مجتمع يزرع في عقلك أنك دوني وأنه لا يوجد العقل في السودان وأن هناك الكثير لا يبلغه إدراكك.
أن تكون مستعبدا أو حرطانيا حتى ولو كنت وزيرا أو ما شابهه تبقي في نظر المجتمع العنصري عبدا ولا يراك كفؤا لبناته.
أن تكون مستعبدا أو حرطانيا يعني أن تري أصدقاءك في الحي أيام الطفولة يرتقون في الوظائف وأنت تكد في نفس المكتب المتواضع منذ عشرين سنة إن كان لك مكتب.
أن تكون مستعبدا أو حرطانيا وتريد خدمة وطنك في الجيش فيعني أنك في الغالب تستخدم من قبل أحد الضباط تغسل الملابس، تسوق السيارة.
كل هذه الممارسات مورست وتمارس باسم الدين وبقبول ورضي من رجال الدين وعلينا أن لا نستغرب كثيرا إذا أحرق المسعبدون لحراطين كتب النخاسة فولله لو كنت مكانهم لحرقتها وزدت علي ذلك.
أخي القارئ ضع نفسك مكان هؤلاء، فكر جيدا في كل هذا الظلم علي مر السنين، في كل هذا الغبن في مجتمعنا! ماذا كنت فاعلا لو كنت مكانهم؟ هل ترضي بهذا الواقع؟ هم لم يعودوا راضين به وأي مثقف يحترم نفسه في هذا البلد لا يمكن أن يرضي به.
إخوتي الحراطين سيروا لأخذ حقوقكم وتحرير إخوتنا وإخوتكم من سلاسل العبودية والجهل من أجل موريتانيا يفخر الجميع بانتمائهم إليها، لا يظلم فيها الانسان أخاه الانسان.
هنالك فجر قادم لا محالة، الحراطين قادمون.
مقال يحمل بعض من الصدق لكن يبدو لي انه لم يكتب من أجل نشر الحقيقة وفقط بل لحاجة في نفس الكاتب
RépondreSupprimerفيه الكثير من التعميم واللاموازنة