mercredi 12 novembre 2014

الظاهرة الصوتية


شاهدت كالكثيرين مقابلة الظاهرة الصوتية ولد داهي علي قناة الوطنية ،وأود هنا أن أثير بعض النقاط اللتي أثارت انتباهي في هذه المقابلة:

بدأ الضيف بالتعريف بنفسه وبإعطاء سيرة ذاتية لشخصه الكريم. والطريف في الأمر أنه ذكر أنه كان من أوائل من عملوا بتهريب الهواتف!! من كانت بدايته تهريبا لا نستغرب أن تكون نهايته ترهيبا ،ليتحدث بعد ذلك عن عزوفه عن التجارة ربما لأنه لاحظ أن تجارة الدين أربح وأسرع.

بعدها بدأ صاحبنا في تكفير كل من يخالفه الرأي ومن لا يكفر من خالفه الرأي وليتناقض في الجملة الواحدة مرتين فالإخوان يحاربون كل من عنده مشروع إسلامي وفي نفس الوقت هم إخوة نشترك معهم في الكثير ،أنا لم أقل أنه يجب قتل آمنة من المختار وصفحتي كانت مقرصنة ولكن لو لم تشفع فيها الدولة لكان لي معها شأن آخر..

أنا لست مع الحكومة لكن عزيز هو أكثر شخص إسلامية في هذا البلد وحرصا عليه .

ولكن ثالثة الأثافي كانت عندما كذب صاحبنا الذي درس حسب زعمه 9 سنوات علم الحديث ،حديثا صحيحا موجودا في صحيح البخاري ومسلم واعتبره من القصص وكتب السير وهو حديث «أرجو أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله». وهو موجود في الصحيحين أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء فوافقت إحداهما الأخرى (3059)، ومسلم في صحيحه كتاب الجهاد والسير، باب ما لقي النبي من أذى المشركين والمنافقين (4754).

وذلك فقط لأن هذا الحديث الشريف لا يخدم مشروع صاحبنا التكفيري الظلامي!

وفي النهاية يسأل الصحفي صاحبنا عن ما ذا سيفعل ببعض أفراد المجتمع المدني لو تولي الحكم ، وكان صاحبنا عند حسن الظن: القتل والقتل فقط!

كانت المقابلة مليئة بالترهات وتضخم الأنا الذي يضيق الوقت عن سرده. وسواء كان هذا الشخص صنيعة للنظام أو يستغله فقط لضرب خصومه في تواصل يبقي ظاهرة صوتية خطيرة قد تكون لها نتائج وخيمة وحري بنظام يدعي محاربة الإرهاب أن لا يكتفي فقط بالشفاعة لمواطنيه حتى لا يصيبهم ضرر هذا الشخص و حري به أن لا يشجعه بفتح المجال السمعي والبصري له ليمرر خطابه التكفيري والإقصائي.  

 

mercredi 8 octobre 2014

سأختار شعبي

سأختار شعبي **سأختار أفراد شعبى، **سأختاركم واحدا واحدا من سلالة **أمى ومن مذهبى، **
سأختاركم كى تكونوا جديرين بى **إذن أوقفوا الآن تصفيقكم كى تكونوا **جديرين بى وبحبى.
تذكرت قصيدة محمود درويش وأنا أراقب نخبتنا في الأعوام الفارطة ،انحطاط وتخبط علي كل الجبهات ،فكأنما اختار الجنرال معارضيه واحدا واحدا !وكأنما اختار نجوم الصحافة فردا فردا! ماذا حل بهذا البلد؟ أية لعنة أصابته؟ هل هذا كل ما يمكن أن يقدمه؟ دوما نفس الوجوه؟ نفس الأفكار؟ وإذا تبدلت الوجوه لأسباب قاهرة تستبدل بوجوه لها نفس السحنة ونفس الأفكار؟
كأننا في مسرحية هزلية منذ أعوام ، يختفي الزعيم الذي خرب البلد ليخرج علينا حارسه الذي كان يسْتَقوي به علينا يدعوا إلي الإصلاح ويدّعِي محاربة الفساد أيحسبنا بلا ذاكرة ؟ومن خلف الستار يطل علينا مدير أمن البائد في هيئة حمامة سلام همها حفظ البلد ووحدته ومصالحه ،الصيف ضيعت اللبن!وفي مشهد موال نشاهد ممثلا ثانويا شاهدناه في دور آخر وزيرا للصحة يهجو هذا ويعرض بهذا ليخرج علينا في هذا المشهد الجديد دون أن يبدل ملابسه ولا مكياجه ليهجم علي ولي نعمته السابق ويصفه بأقذع الأوصاف وشنيع الألفاظ  متناسيا مثلنا الشعبي (فُمْ أَشْكَرْ مَا إِعَيَبْ)، هل ما زلتم تتابعون معي أم أصابكم الضجر والملل مثلي ؟
أم تُهْتٌمْ كما تهت في سلسلة الأحداث المتناقضة ولكن المسرحية لا تنتهي هنا نحن مجبرون علي المتابعة؟
مشهد آخر زعيم حزب سياسي قضي عمره في النضال من أجل الديمقراطية وضد حكم العسكر يؤيد انقلاب مدير الأمن ومن بعده انقلاب الحارس علي رئيس منتخب ليعود بعد ذالك ليدعوا للديمقراطية ويهتف ضد حكم العسكر دون أن يغير ماكياجه ولا ملابسه.
في فصل ثانوي نشاهد أحزابا كانت تحارب التطبيع مع إسرائيل وحاربت العقيد وحكمه من أجل قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني تشارك في حكومة مطبعة مع الكيان وتملك سفارة في تل أبيب؛في فصل آخر نشاهد عقيدا سيئ الذكر يؤم كافة الممثلين في الملعب الأولومبي ويسخر من الديمقراطية ومن البلد في قصر المؤتمرات ليبايعه بعضهم بعد ذلك علي المشرط والمخرط ولا يحركون ساكنا وهو يجرجر في طرقات مدينة سرت؟
وتتوالي الأحداث وتتداخل وتتناقض و تتوالي الفصول لنري رئيس برلمان يقف بقوة في وجه انقلاب الجنرال وفي فصل موال يهتف بالمجد لنفس الجنرال؛
عسكر وعسكر سابقون ينادون في مهرجان للمعارضة بسقوط حكم العسكر؛
حزب سياسي ينطح في مشهد لينصح في فصل ويشارك في آخر ليعود للنطح؛
حقوقي ومعارض عنيد للنظام قبع في سجنه ردحا ،وقذفه بأقذع الأوصاف يشارك في حملة انتخابية محسومة النتائج أصلا قاطعها من والي ومن أيد في السابق ومن نطح ومن نصح ،لتدفع مستحقات حملته من طرف أقارب منافسه؛
ليفتح الستار علي الجنرال المفدي في مأموريته الجديدة واعدا بتجديد الطبقة السياسية وضخ دماء شابة فيها ليفاجئ جمهور المسرح برئيس وزراء جاوز التقاعد بسنتين؛حزب تقدمي يٌرْمَي بتحكم القبيلة فيه؛
فقهاء يشتغلون بالربا؛
عنصريون يرمون عنصريين آخرين بالعنصرية؛شباب يصفقون لمن وأد أحلامهم؛
مجتمع مدني بدل أن يحارب الفساد هو وكر له؛
أطباء بلا رحمة همهم فقط الربح السريع؛
هل فهمتم شيئا من هذه المسرحية السيئة الإخراج ؟ صراحة شخصيا لم أفهم شيئا!
لقد اختارنا الجنرال واحدا واحدا!
لكن تبقي هذه المسرحية قمة في الإبداع فهي تثير الضحك والبكاء والرثاء في آن واحد لتبقي قمة في الإبداع!
عاش الكاتب و المخرج و البطل بكل اختصار! عاش الجنرال فهو فارس هذا الزمان الوحيد!
"فليس سوى أن تريد
أنت فارسُ هذا الزمان الوحيدوسواك.. المسوخ! ".

dimanche 16 mars 2014

لمْعلمْ (قصة قصير)


في قريتنا العزلاء، ذات الدّور الإسمنتية المتناثرة، جوار مبانٍ تقليدية مستطيلة الشكل، ترتكز إلى دعائم حديدية أسطوانية، محاطة في الجهات الأربع برداء عريض للتدفئة، تغطّيها أسقف هرمية الشكل من صفائح حديدية صدئة من أثر أشعة الشمس وقرْع الأمطار، لم تكن الأيام تمتاز عن بعضها البعض إلا في الأعياد والمناسبات، وماعدا ذلك تمضي الحياة عادية ورتيبة.

وذاتَ أسبوع شِتوي عاصف، تصادف أن اجتمعت في القرية، مناسبتان في اليوم نفسِه، وابتسم الحظّ للصّبيان والمتسكّعين. في الجهة الشرقية من القرية كانت دار أهل اشريفْ تزدحم بالوافدين من داخل القرية ومن القرى المجاورة،  والقادمين من المدينة التي تبعد عشرات الكيلومترات، وكان صُياح الكباش التي تجاوزت العشرة، يعلو في تتابع. وفي الجهة الشمالية كان منزل أهل امحميدات يستقبل فُرادى من رجال ونسوة القرية، وقد  ربطت عند جذع شجرة إلى الجهة الخلفية للمنزل نعجتان وخروف. وأقيمت الولائم عند الأسرتيْن، وعمّت أجواء الاحتفاء بمولوديْهما في أرجاء القرية. يومَها رأيتُ طيّبَ الذّكر اسويدات خارجا بُعيد العصر من عندِ دار أهل اشريف، يمسح يديه وفمه بطرف لثامه، ويهزّ رأسَه في عظةٍ ظاهرية:

ـ سبحان الله!.. النّاس خلقهامولان و لا ساوَاهَا

لم يكن اسويدات يفوّت أي مناسبة تحينُ في ليل أو نهار، ولم تفته في ذلك اليوم المشهود، فرصة حضور المناسبتيْن رغم تزامنهما، غير أنه أمضى ضحوة اليوم وقيلولته عند أهل اشريف، بعد أن مر في طريقه وعلى عجل بمنزل أهل امحيمدات.

وفي سائر الأيام لم تكن مجالس الشاي في القرية، تخلو من حضور اسويدات إلا في ما ندَرْ. كان اسويدات معروفا بين أهل القرية بطرافتِه وحسّه الساخر، حيث يطلق النكات متندّرا على الحاضر والغائب، ويسخر حتى من نفسه في بعض الأحيان، ولم يكن يستثني من أهل القرية في سخريته وتهكّمه أحدًا سوى أهل اشريف، الذين كان يقول إنه يخشى السخرية منهم حتى لا تصيبه صاعقة من السماء، أو تزلزلَ من تحت قدميه الأرض!..وكان يسأل في دعائه أن يُرزق بركتهم، وبَرَكةَ آبائهم وأجدادهم!

مرّت الأيام والليالي، وتوالت السنين، ونشأت صداقة في الصّبا بيني وبين الهادي ولد اشريف، ومحمد الامين ولد امحيمدات، الذي اشتهر منذ الصغر باسم آلويمين، حيث كنّا ندرس صحبة أطفال آخرينَ من القرية في محظرة المسجد، وأذكر أن جدّتي كانت دائما تُوصيني بمصاحبة الهادي واللّعب معَه، وتحذرني من آلويمينْ...كانت جدتي تكرّر على مسمعي:

ـ لا تُصاحب إلا أبناء الكرام.."لا خير في الحدّاد ولو كان عالمًا!".."العِرق دسّاس" يا ولدي!

وأذكر أنّا كنّا في فترة الطفولة نتندّرُ على آلويمين ونلمزُ في أصله، وكنّا نرميه ساخرين بصفات الجُبن، والعَجلَة، والشّره، كما كان بعضُ الصّبية يرميه بتُهمة احتراف السّرقة، ولم يكن آلويمين في الغالب يغضب من ذلك، بل كان في بعض الأحيان، يُجارينا السخرية والضحكَ من تلعثمه وكثرة أغلاطه في الكلام، وكان آلويمين إلى ذلكَ أمهرنا في ابتكار وتركيب الألعاب التي كنّا نلتقطُ أجزاءها من نفايات القرية!

أما الهادي فكان من أسرعِنا حفظًا في المحظرة، وكان كثير التحدّث بيننا، عن كرامات أجداده، وأحيانا عن كرامات شخصية يزعم أنها حدثت معه، ولم يكن له من شاهد غير تصديقنا التلقائي وتأميننا على كلامه، وكثيرا ما كان شيخنا في المحظرة، يمسح بيديه على رأس الهادي ويقبّله ويدعو له، ويقول إن سمات العلم والنباهة والصّلاح واضحة في محيّاه الصغير!

قويتْ أواصر الصداقة بين الهادي وآلويمين مع الزمن، وكان الأخير كثير التردّد على منزل أهل اشريف، من حينٍ إلى آخر، ورغم الاحترام الظاهر بين العائلتيْن الجيران، لم تكن تخفى علامات النظر باستعلاء من طرف أهل الهادي لشخص آلويمين، إلى أن حدثت واقعةٌ كانت القشّة التي قصمت ظهر البعير، فذات مساء كان آلويمين عند منزل أهل اشريف صحبة الهادي وبعض الشبّان الآخرين من القرية، وبعيد مغادرة آلويمين المنزلَ بساعات، نشب حريقٌ مُفاجئ في إحدى غُرفِه، وانهالت القصص والأقاويل، وصار أكثر أهل القرية يتحدّثون عن شؤمٍ يُرافق آلويمين أينما حلّ أو ارتحل، وجعلَ النّاس في القرية يتطيرون منه، ويتحاشون مجالستَه أو الاجتماعَ به، ورغم ذلك لم يكن الناس داخل القرية في غنى عن آلويمين لإتقانِه الأعمال اليدوية، وخبرتِه في الحدادة، التي ورثها أبًا عن جدّ.

بعد مرور عدّة سنين، غادرتُ قريتنا الصغيرة، باتجاه العاصمة نواكشوط، للتسجيل في الثانوية، وانقطعت عني أخبار القرية، سوى ما يجلبه بعض الوافدين من الأهل إلى نواكشوط، حيث علمتُ أن آلويمينْ غادرَ القرية بعد وفاة والديْه إلى العاصمة، حيث افتتحَ محلاّ للصناعة التقليدية، أمّا الهادي فقد ذاعَ صيتُه بين النّاس، حيث صارَ وجيها، ذا نفوذ تقليدي واسع، ويحظى بمكانة خاصة في أوساط مريديه.

وبعد حصولي على الباكلوريا، سافرتُ إلى فرنسا لاستكمال الدراسة، والتخصص في مجال الطبّ، وانقطعت عنّي بشكل تام، أخبار القرية وأهلها، وبينما كنتُ أحضرّ للعودة مؤقتا إلى أرض الوطن، تلقّيتُ اتصالا مُفاجئا من الهادي ولد اشريف، يُخبرني فيه بأن والدتَه زينب، أصيبت بفشل كلوي حاد، وبنيتهم السفر إلى فرنسا لإجراء عملية جراحية لها، حيث طلبَ منس مساعدتهم في استكمال إجراءات السفر إلى باريس، والتحضير لإجراءات العلاج. وبعد قدوم عائلة أهل اشريف إلى فرنسا لعلاج الوالدة، شرعنا في الإجراءات الطبّية، حيث أراد الهادي التبرّع لها بإحدى كليتيْه لإنقاذ حياتِها، وبعد خضوع الهادي للفحوصات الأولية، استدعاني الطبيب المشرف على الفحوصات بوصفي الناطق الوحيد بالفرنسية بين المعنيين بالأمر، وعند اللقاء بالطبيب الفرنسي، أنبأني بنبإ وقعَ عليّ وقوع الصاعقة، وحاولْتُ في البداية تفاديه وعدمَ تصديقِه، حتى أطلعني الطبيب على الكشوفات الطبّية التي أثبتتْ يقينًا أنّ الهادي لا تربطه أية صلةِ قُرْبَى ب"أمّه" زينب!

وتردّدتُ في إخبار الهادي وعائلته بالأمر، متعلّلا لهم بادئ الأمر بتأخر ظهور نتائج الفحوصات، غير أنّ تدهور الوضع الصحي لزينب، وحاجتَها الملحّة إلى متبرّع بكلية في أسرع وقت، لم يدع أمامي متّسعًا للصّمت والتردّد، ممّا اضطرّني لإخبار أفراد العائلة مجتمعينَ بالحقيقة، حيث كانت صدمتُهم عند سماع الخبر بالغة وعنيفة، وبعد تراجع آثار الصّدمة وتقبّل الأمر الواقع، شرعنا في التحرّي بفهم ما جرى، ليُخبرنا والد العائلة، أنه في ليلة ميلاد الهادي، لم يدخل نقطة التوليد، نزيلٌ عدا عائلتيْ اشريف، وامحيمدات؛ حيث تزامن ميلاد كلّ من الهادي وآلويمينْ في نفس الليلة بفارق ساعات قليلة، وكانت العائلتان في نفس الغرفة، وشهدت الليلة هبوب رياح عاصفة، وهطول أمطار غزيرة، ممّا تسبّبَ في انقطاع التيار الكهربائي عن النقطة الصحية عدّة مرّات، ممّا يرجّح حدوث تبادل لمولوديْ العائلتيْن عن طريق الخطأ، وكان لا بدّ من إجراء فحوصات طبية لآلويمينْ للتحقّق من هذه الفرضية!

وبعد إجرائي اتصالات هاتفية ببعض المعارف في نواكشوط، فوجئتُ بأحدهم يُخبرني أن آلويمين موجودٌ في العاصمة الفرنسية باريس، في إطار تنظيم معرض للصناعات التقليدية الموريتانية، ولم أستغرق كثير وقتٍ للحصول على عنوانه، حيث اتصلتُ به، وأخبرتُه القصّة، وشرحتُ له الظرف الصحيّ الحرج لزينب، وبعد إفاقته من صدمة الواقعة، وغثر الكثير من التردّد والجدال، قبلَ آلويمين إجراء الفحوصات اللاّزمة لقطع الشكّ باليقين، حيث أثبتت الفحوصات بشكل قاطع أن آلويمين هو الابن الحقيقي لشريف وزينب!

وعقب قبول آلويمين التبرّع بإحدى كليتيه لوالدتِه، وبعد استكمال عملية زرع الكلية بنجاح، غادر الجميعُ إلى أرض الوطن...آلويمين بجُرحٍ في جهته اليُسرى، وبكلية واحدة، والباقون بجراحٍ أُخرى أعمقَ غورًا، غيّرت نظرتهم للنّاس والأشياء. ليستأنفَ كلٌّ دورَه الذي رسمتْه له الأقدار في تراجيديا الحياة!.

 

 

mercredi 13 novembre 2013

لمن سأصوت؟

حائر أعزائي لمن أصوتᵎ رغم أني مقاطعٌ لأسبابٍ لا تخفى على عاقلٍ من انعدام مصداقيةٍ وشفافية وانحياز إدارة الخ... ومع ذلك لم استطع منع نفسي من متابعة الحملة ولو عن بعدٍ.ربما هو نوعٌ من حب الاستطلاع لو أردتم.
متابعتي بدأت حين لفتت لوحةٌ عند أحد ملتقيات الطرق نظري كتب عليها:"صوتوا للعلماء"، على اللافتة صورة شخصان أحدهما معروفٌ بموالاته دوماً لأي سلطان، مشهورٌ بالكلام عن معاناة أهل القبور وعن يوم الحشر لكني لم أسمعه يوماً يتكلم عن معاناة أهل الثغور من أهل " الكزرة" والآخر "محترف" دولي بايعَ القذافي وتسييره في سفارتنا في الكويت ولوزارة التوجيه الإسلامي معروفٌ للجميع.
قطعاً لن أصوت لهؤلاءᵎ
بعد ساعات كنت على موعدٍ مع دعايةٍ من نوع آخر لأناس لا أعرفهم ولا مواقف مسبقة لدي منهم ولكن اللافتات لم تنصفهم. مرشحو تواصل هم من أعني. كتبَ على إحدى اللافتات فلان داعية يحفظ القرآن ويقوم الليل وهو أحسن من تختاروهᵎ لا توضيح عن مؤهلات هذا الشخص، في أي جامعة درس؟ وعلى أي تجربةٍ في العمل حصل؟
الدعوة وحفظ القرآن وقيام الليل هي أمور جيدة ومعينةٌ لمن يريد أن يترشح لمقعد في الجنة ولكن تبقى في نظري ليست مربط الفرس لمن يود أن يترشح لمقعد في مجلس النواب. هنا لكي أنتخبكَ أخبرني عن كفاءاتك، أما صلاتك وقيامك وصومك فهي أمور تتقرب بها لربك وبالتالي تخصك لوحدك.
كل هذا كان بالإمكان التغاضي عنه، لكن شريط تواصل وما أدراك ما شريط تواصل -هناك رابط تحت- بصريح العبارة. يحث الشريط على التصويت لـ "مولانا"، لم أكن أعلم أنه جل وعلا رشح أحدهم للانتخابات رغم مقاطعة الكثيرين لها ويستغرب أن يرشح جلّ وعلا باسم تواصل وهو العليم بالسرائر والمآلات. ولو كان ربنا تعالى يود ترشيح أحدهم لرشحه ربما عن طريق حزب الإتحاد من أجل الجمهورية فهو تعالى يعلم الغيب ولمن تؤول عاقبة الأمورᵎ
ما أثار انتباهي كذلك هو تنافس أحزاب الموالاة على إظهار صور الجنرال في مقراتها، فكما يتنافس الفضيلة مع تواصل ,العلماء مع الدعاة يتنافس الحراك مع الإتحادᵎعجبا لكلٍ رب يعبده ويدعي القرب منه وتمثيله في الانتخاباتᵎ
حسب تحليلي الشخصي أضرت هذه الانتخابات كثيراً بالجنرال ولوحظ ذلك من خلال ابتعاد أشخاصٍ كانوا يحسبون عليه: فمن مقال ولد حرمة ولد بابانا إلى فتوى ولد حبيب الرحمن بحرمة ترشح الفرد لمنصبٍ لا يصلح له وليس فيه صلاح للأمة وهو ما يحرم شرعاً على الجنرال الترشح لمأموريةٍ جديدة.
هي كلها أدلة على تململٍ في الموالاة وعدم رضا عن تسيير الأمور.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وصوتوا لمولانا أو لخليفته في الأرض وليّ أمر المسلمين في هذه البلاد ليبقى هذا البلد تحكمه أموال السلطان وصدقات الخليج وعلماء السلطان وعلماء الشيطانᵎ
ربما هو يستحقُ كل هذا مادامت طبقته المثقفة لا تحركُ ساكناً، تحترم الأشخاص لقبائلهم ولا تقول لمن سرق سرقت ولمن أفسد أفسدت و لمن كذب كذبت و الناس بيظان و الا شي طايب. رابط النشيد:
https://ia601005.us.archive.org/29

lundi 8 juillet 2013

لا تحلموا بعالم سعيد!

من الصعب كثيرا الكتابة في أمور الساعة خصوصا إذا كانت الأحداث متلاحقة بالدرجة التي تتسارع بها الآن في مصر. لذلك سأبين في هذه العجالة من وجهة نظري ماذا حدث وماذا سيحدث دون أن أعرج على ما يحصل الآن.
العسكر هم من جاء بالإخوان! فبعد 60 سنة من تجهيل الشعب المصري وتجويعه من طرف طغمة مبارك لم يجد هذا الشعب ملاذا سوى في الخطاب الديني، فانتشرت الأفكار المحافظة وغيبت الحداثة والقيم الديمقراطية.
جاء الاخوان نتاجا لذلك ولكن سوء تسييرهم وانفرادهم بالحكم وتعجلهم على الاستئثار بالسلطة وموافقتهم المتهورة على دستور العسكر، كل هذا أرجع العسكر إلى حكم مصر.
ماذا سيحدث؟
بعد أيام أو أسابيع سيلقي الرئيس مرسي خطابا مؤثرا يتنازل فيه عن السلطة حقنا للدماء وحفظا لمصالح جماعة "الاخوان المسلمون" وعلى الغالب بعد مصالحة مع الجيش تضمن عدم متابعة أفراد الجماعة. و ستكون هذه المصالحة طبعا برعاية أمير قطر الجديد ومباركته.
بعد عام ستحترق كل القوة التي ساهمت في الحكم مع العسكر سياسيا لأن العسكر لن يعطوعها صلاحيات كافية لحل مشاكل البلد وسيحملونها جميع أخطاء تسييرهم.
وفي الانتخابات القادمة سينجح مرشح العسكر للرئاسة مدعوما بالسلفيين وعلى الغالب من الاخوان الذين سيصوتون له فقط نكاية بالقوى التقدمية. وعلى الأرجح سيختار العسكر شخصية ذات توجه إسلامي يسهل عليهم التحكم فيها.
أرجو أن لا يصدق الجزء الأخير من هذه التنبؤات، لكنه السيناريو الأقرب للتحقق للأسف الشديد. وتبقى القوى التقدمية والوطنية هي الخاسر الأكبر في هذه المعركة.
صدق شاعر اليسار والثورة أمل دنقل حين يقول:
لا تحلموا بعالم سعيد
فخلف كلّ قيصر يموت : قيصر جديد !
وخلف كلّ ثائر يموت : أحزان بلا جدوى ..
و دمعة سدى !

mardi 18 juin 2013

معني أن تكون امرأة

كثر الحديث في الآونة الاخيرة عن حقوق المرأة وهوجم دعاة تحررها بكل أنواع الأوصاف وقل من ينصفها أو يقف معها سوي أصوات خجولة هنا وهناك، ولرفع بعض اللبس وجب توضيح ما الذي يعنيه أن تكون امرأة أو فتاة في عالمنا العربي:
معني أن تكون امرأة يعني أن تحرم من أبسط حقوقك في التحرك والتجول والسفر والتعلم والعمل دون محرم وأن يعتبرك الآخرون مقياسا لشرفهم وجالبا للعار.
معني أن تكون امرأة يعني أنك ناقص عقل ودين وأن أخاك الذي يصغرك بعشرين سنة ولم يبلغ 18 من العمر هو من يحدد موعد رجوعك للبيت إن كان يؤذن لك أصلا بالخروج منه.
معني أن تكون امرأة يعني أنك حتي لو شاهدت جريمة قتل أو عنف لن تقبل شهادتك .
معني أن تكون امرأة أو فتاة يعني أن لأهلك الحق أن يرسلوك معلبا لعريس غريب في ديار الغربة وإن تطلقت أو تذمرت فالذنب ذنبك .
معني أن تكون امرأة يعني أن تلبس اللباس الأسود لا تري منه إلا عيناك تحت درجات حرارة تزيد علي الخمسين درجة.
معني أن تكون امرأة أن كل من هب ودب يستطيع أن يكتب مقالات أو يفتي فتاوي تحد من حريتك ويأتي بدراسات تفيد أن الرجل أذكي منك رغم أن العكس هو الصحيح.
معني أن تكون امرأة يعني أن تري زملاء دراستك ممن كنت متفوقا عليهم صاروا أطباء ومهندسين وأنت لأنك زوجت قبل إكمال تعليمك مطلقة مع أربعة أولاد وبلا عمل .
أن تكون امرأة يعني أنه إذا هاجمك ذئب بشري واعتدي عليك أو اغتصبك فيسعي القاضي والبوليس للتحري عن ما إذا كنت تلبس ملابس مثيرة أو إذا كنت أصلا سبب الجريمة لأنك فقط خرجت لعمل أو دراسة أو زيارة أصدقاء .
معني أن تكون امرأة يعني أن تتلقي نصف ما يتلقاه أخوك الرضيع من ميراث أبيكما في مؤسسته التي عملت فيها أكثر من ربع قرن.
معني أن تكون امرأة يعني أن تبقى محجوزا في المطبخ والضيوف يتمتعون بالاحاديث الشيقة والاكل للذيذ وأنت تتحدث للمرجل والفرن.
معني أن تكون امرأة يعني أن عليك الاختفاء من وجه البسيطة فأنت مثير وخطير وأنت أصل كل الشرور في هذا العالم رغم أنك أنت السبب في استمرارهم ومن تحملت مشقة الحمل والولادة.
معني أن تكون امرأة يعني أنك كائن دوني في عرف هؤلاء تباع وتشتري كالبضاعة وتربيتك وتكوينك ينصب علي تجهيزك لتخدم إنسانا آخر قد لا يستحقك.
المرأة يا سادتي ليست قادمة من كوكب آخر، ومحاولة حبسها وحرمانها من التعليم وتغييبها عن الانتاج وتحييدها عن الحياة العامة هي الغباء بعينه خاصة في بلدان متخلفة كبلداننا تحتاج طاقات جميع بناتها وأبنائها.

lundi 3 juin 2013

كفانا نفاقا

قبل أيام أعلن عن مبادرة تسمي نفسها "أنصار الشريعة"، استهلت نشاطاتها بمهرجان استعراضي تحدثت فيه عن رؤيتها لتنقية التشريع الموريتاني. يظن هؤلاء أنه فقط بقطع الأيدي والرقاب ستحل كل مشكلاتنا الاجتماعية والاقتصادية وسنعيش في دولة فاضلة. لكن أليس من الأجدى قبل الحديث عن قطع الايدي المطالبة بتوفير الغذاء والدواء والعدل للفقير؟ وهل يحق لمن سكت طويلا علي الظلم والعبودية واحتقار الآخر أن يحمل فجأة لواء شرع لله؟
يختزل هؤلاء شرع لله في الحدود وفي التضييق علي المرأة باعتبارها عورة، تري أحدهم يتزوج إحداهن ويمنعها من التعليم لتلد له حفنة من الأطفال قبل أن يرميها معهم دون نفقة (في موضوع النفقة لا يراعون شرع الله!) ليتزوج أخري وأخري...؛
تري أي شريعة يريدون تطبيقها؟ شريعة السعودية التي تقطع يد الفقير السارق وتقبل يد الأمير الذي سرق هو كذلك ولكن المليارات؟ أم شريعة انصار الدين الذين جوعوا أهلنا في مالي وقطعوا يد من سرق دجاجة لسد رمقه، أم شريعة ولد هيدالة التي كانت تقطع أيدي الحراطين وتترك أبناء العائلات؟
ألم يحن الوقت لقراءة جديدة للنص؟ للنظر فيما هو أبعد من الشعارات البراقة؟ ثم للنظر فيمن يحملون هذه الشعارات مفصلة حسب أهوائهم ومصالحهم ليجنوا بها على الاسلام والمسلمين؟
هل كل من كان موجودا في هذه التظاهرة يحترم شرع لله في كل ما يعمل؟ شاهدت بعض الاشخاص أعرفهم سبق وساندوا الظلم ونهبوا مؤسسات ووزارات أوكلت إليهم، شاهدت أحد أكبر موردي الأدوية المزورة في البلد، وآخرين يستوردون فقط البضاعة المزورة من الصين وآخرين هم سبب زحمة المرور لا يراعون الاضواء الحمراء وآخرين يتهربون من الضرائب وآخرين لا يدفعون نفقات ابنائهم وآخرون يمنعون بناتهم من الزواج لأن من تقدم إليهن ليس كفؤا وآخرين يسرقون أموال الناس القادمة من الخليج.
كفانا نفاقا، علي كل واحد أن ينظر لنفسه ويكون مثاليا في تصرفاته وأن يعين بني وطنه ويقف في وجه الظلم، عندها وعندها فقط يمكنك أن تخرج لتطالب بشرع الله، أما حين تكون ظهيرا للمجرمين، لاهثا خلف مصالح أنانية، قاصرا عن فهم متغرات العصر، فالأجدى أن تتدثر بلحاف آخر يليق بك وتليق به.
لا أستغرب أبدا أن تكون أيادي النظام خلف مباردة كهذه في مسعى لسحب البساط من تحت حزب تواصل المعارض ذي التوجه الاسلامي وذلك ما يدعمه الحضور اللافت للرسميين! لكن أكثر ما أخشاه أن ينقلب السحر علي الساحر!

lundi 8 avril 2013

حزين ومحبط ويائس

وبي ما يذود الشّعر عنّي أقلّه ... ولكنّ قلبي يا ابنة القوم قلّب
أنا حزين ومحبط، وطني تتحكم فيه طغمة عسكرية منذ ٣٥ سنة تقوده إلي هاوية مؤكدة وتتلاعب بوحدته الوطنية, تتناوب علي نهبه لكل دوره والخلف أسرع في الهدم والنهب من السلف.
أنا خائف وحزين فوطني نخبته السياية تبيع مواقفها لمن يدفع أكثر, في رقاب بعضهم بيعات للقذافي وآخرون لأميرقطر أو ملك المغرب, همهم مصلحتهم الآنية يتبادلون الأدوار منذ الإستقلال في إستغلال براءة هذا الشعب وطيبته، يبيعونه كلاما وأحلاما ليشتروا بها مناصب ورخص صيد وامتيازات.
يمدحون الحاكم أو يهجونه حسب مصالحهم الآنية, يتحالفون مع أعداء الشعب من رجال أعمال مصوا دمه وكسرواعظمه إن هم دفعوا لهم.
أنا حزين محبط ومكتئب في بلادي صحافة تعطي إنقلابيا درعا للحرية قد لا يقيه من رصاصات صديقة وهو من أذاقها الأمرين وضربها في الشوارع، تكتب في مدحه ومدح أعدائه همها فقط قوت يومها ولو أكلت بأقلامها.
أناحزين وغاضب ومشمئز في وطني مثقفون يتملقون كل حاكم ويقبلون حذاء كل عسكري, يؤلفون الكتب في مآثرهم والقصائد العصماء في مناقبهم.
أنا حزين ويائس ومندهش في وطني رجال دين لايقفون مع مظلوم، يجمعون أموال الزكاة في االخليج للفقراء ليشتروا بها سيارات رباعية الدفع ومنازل ويتزوجوا منها مثني وثلاث ورباع, يحفظون آيات لا يتدبرونها، تراهم دوما في صف الحاكم.
أنا خائف على مستقبل شباب هذا البلد، مصيرهم جميعا الانتحار وإن اختلف الطرق. أسبوعيا نسمع بشابة أو شاب أقدم على الانتحار الفعلي، لكن هناك آخرون ينتحرون معنويا بطرق شتى:
شباب ينتحر سياسيا وأخلاقيا بإنشاء أحزاب تساند العسكر وتطبل للحاكم، آخرون ينتحرون بالغلو في السلفية، يقبرون أنفسهم أحياء بعد فقدهم الأمل في هذه الحياة لينضموا إلى جماعات إرهابية تعدهم بجنات الخلد.
آخرون ينتحرون ببطء عبر تناول المخدرات والانضمام لعصابات السرقة والاغتصاب، ليقضوا ما بقي من أعمارهم بين مخافر الشرطة والسجون.
آخرون ينتحرون رمزيا بالهجرة إلى بلاد الغربة لينقطعوا من جذورهم ويعيشوا أذلاء في بلاد الآخرين.
والبقية لا حول لهم ولا قوة، يكتوون بنار البطالة والقهر حتى يلتحقوا بإحدى هذه المجموعات.
قد يتهجم الكثيرون على، لكنني لن أرد على أحد، فأنا حزين ومحبط ومنهك ومكتئب وبائس وسأكسر أقلامي، إذ لا كلمات تجدي ولا فضائح تنفع.
لك الله يا موريتانيا ما أعق أبناءك، لك الله يا بلاد السيبة.

lundi 18 mars 2013

إلا المتنبي

دهشت كثيرا من تحامل الأستاذ الموقر محمد الأمين ولد الفاظل علي أكبر أعمدة وأساطين الشعر العربي وحتي لا يكون السكوت علامة للرضي وجب الرد.
المتنبي مالئ الدنيا وشاغل الناس لا يجوز ولا يمكن إختصاره في شاعر مرتزق بلا مبادئ ونسبة بيت من ركيك الشعر إليه, لو غيرك فعلها يا ابن الفاضلين!
كان المتنبي يملك روحا متمردة وطموحا بلا حدود ولم يكن المال غاية له دوما:
وَمَا رَغْبَتي في عَسْجَدٍ أستَفيدُهُ وَلَكِنّها في مَفْخَرٍ أسْتَجِدّهُ
مدح سيف الدولة ورافقه في كثير من حروبه ومدحه بأحسن ما قيل من شعر ولكن عندما لاحظ عدم تقدير هذا الأخير له وميله إلي حاسديه من أمثال أبي فراس شد الرحال إلي كافور، فأبوالطيب لا يرضي بالضيم:
وَما كُلُّ مَن قالَ قَولاً وَفى, وَلا كُلُّ مَن سيمَ خَسفاً أَبى
كان صاحبنا ضحية لزمانه فلا دولة مركزية ولا خليفة قوي يقصد، يؤرقه طموحه اللا محدود ولا يثنيه شئ عن هدفه:

إذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرُومِ *** فَلا تَقنَعْ بما دونَ النّجومِ
فطَعْمُ المَوْتِ في أمْرٍ حَقِيرٍ *** كطَعْمِ المَوْتِ في أمْرٍ عَظيمِ

وفي مجلس كافور مدحه بأحسن وأجود ماقيل من شعر ولكن ذاكرتنا الانتقائية العنصرية احتفظت فقط بهجائه له:

قَوَاصِدَ كَافُورٍ تَوَارِكَ غَيرِهِ*** وَمَنْ قَصَدَ البَحرَ استَقَلّ السّوَاقِيا
فَجاءَتْ بِنَا إنْسانَ عَينِ زَمانِهِ *** وَخَلّتْ بَيَاضاً خَلْفَهَا وَمَآقِيَا
وقد مدحه بسواده وأنشأ قصائد لتفضيل السواد علي البياض:
مُنىً كُنَّ لي أَنَّ البَياضَ خِضابُ *** فَيَخفى بِتَبيِيضِ القُرونِ شَباب
لَيالِيَ عِندَ البيضِ فَودايَ فِتنَةٌ *** وَفَخرٌ وَذاكَ الفَخرُ عِندِيَ عابُ
فَكَيفَ أَذُمُّ اليَومَ ما كُنتُ أَشتَهي *** وَأَدعو بِما أَشكوهُ حينَ أُجابُ

وقصائد استعطاف هي درر الشعر العربي
:
أرى لي بقربي منك عينا قريرة *** وإن كان قربا بالبعاد يشاب
وهل نافعي أن ترفع الحجب بيننا *** ودون الذي أملت منك حجاب
أقل سلامي حب ما خف عنكم *** وأسكت كيما لا يكون جواب
وفي النفس حاجات وفيك فطانة *** سكوتي بيان عندها وخطاب
وما أنا بالباغي على الحب رشوة *** ضعيف هوى يبغى عليه ثواب

و عندما يئس صاحبنا من مواعيد كافور فارق مصر يحركه مرة أخري طموحه وحلمه بمجد لن يتحقق ولم يكن المال كما تفضلتم هو
 دافع صاحبنا لمدح هذا أو ذم ذاك ويتجلي ذلك واضحا في مدحه لأبي شجاع:
لا خَيْلَ عِندَكَ تُهْديهَا وَلا مالُ *** فَليُسْعِدِ النُّطْقُ إنْ لم تُسعِدِ الحالُ
وَاجْزِ الأميرَ الذي نُعْمَاهُ فَاجِئَةٌ *** بغَيرِ قَوْلٍ وَنُعْمَى النّاسِ أقْوَالُ
فَرُبّمَا جَزَتِ الإحْسَانَ مُولِيَهُ *** خَريدَةٌ مِنْ عَذارَى الحَيّ مِكسالُ
وَإنْ تكُنْ مُحْكَماتُ الشّكلِ تمنَعُني *** ظُهُورَ جَرْيٍ فلي فيهِنّ تَصْهالُ
وَمَا شكَرْتُ لأنّ المَالَ فَرّحَني *** سِيّانِ عِنْديَ إكْثَارٌ وَإقْلالُ
وفي رثائه له أصدق المشاعر:
الحزن يقلق والتجمل يردع *** والدمع بينهما عصي طيع
يتنازعان دموع عين مسهد *** هذا يجيء بها وهذا يرجع
النوم بعد أبي شجاع نافر *** والليل معي والكواكب ظلع
إني لأجبن من فراق أحبتي *** وتحس نفسي بالحمام فأشجع
ويزيدني غضب الأعادي قسوة *** ويلم بي عتب الصديق فأجزع
تصفو الحياة لجاهل أو غافل *** عما مضى فيها وما يتوقع
ولفهم روح المتنبي المتمردة وحلمه بالمجد لنستمع إليه هائيته الشهيرة:
وَأتْعَبُ خَلْقِ الله مَنْ زَادَ هَمُّهُ
وَقَصّرَ عَمّا تَشتَهي النّفس وَجدُهُ
فَلا يَنحَلِلْ في المَجدِ مالُكَ كُلّهُ
فيَنحَلَّ مَجْدٌ كانَ بالمالِ عَقدُهُ
وَدَبِّرْهُ تَدْبيرَ الذي المَجْدُ كَفُّهُ
إذا حارَبَ الأعداءَ وَالمَالَ زَنْدُهُ
فَلا مَجْدَ في الدّنْيَا لمَنْ قَلّ مَالُهُ
وَلا مالَ في الدّنيا لمَنْ قَلّ مَجدُهُ
وَفي النّاسِ مَنْ يرْضَى بميسورِ عيشِهِ
وَمَرْكوبُهُ رِجْلاهُ وَالثّوْبُ جلدُه
وَلَكِنّ قَلْباً بَينَ جَنْبَيّ مَا لَهُ
مَدًى يَنتَهي بي في مُرَادٍ أحُدُّهُ
يَرَى جِسْمَهُ يُكْسَى شُفُوفاً تَرُبُّهُ
فيَختارُ أن يُكْسَى دُرُوعاً تهُدّهُ
يُكَلّفُني التّهْجيرَ في كلّ مَهْمَهٍ
عَليقي مَرَاعِيهِ وَزَاديَ رُبْدُهُ
وكان أحري بك وأنت تلميذ المعري وهو صاحب كتاب "معجز أحمد" أن تظهر بعض الإحترام لصاحبنا وكفي المتنبي فخرا أنك إذا فتحت أي كتاب من كتب اللغة كان ترتيب الشواهد قال الله وقال الرسول وقال المتنبى, فلا مجال لحشره مع شعراء ال SMS والبرامج الترفيهية.
مع كامل الود
أحد مريدي أبي الحسين

lundi 11 mars 2013

حريتي خط أحمر

وتستمر الاعتقالات الليلية وإهانة الشباب المسالمين، لا لجرم ارتكبوه سوى ممارستهم لحق التنقل الذي يكفله لهم الدستور. والغريب في الأمر أن رجال الأمن لا يمسكون إلا بالراجلين، أما أصحاب السيارات فهم منزهون عن المساس بالأمن!


إخوتنا في الأجهزة الأمنية أنتم ربما أول من يعرف أن اللصوص والقاعدة والمجرمون يملكون سيارات بل ويملكون أغلى السيارات. ملاحظة أخرى هي أن كل المعتقلين الليليين هم من المدنيين ولكن لا غرو فنحن نعيش في دولة العسكر منذ 1978.


ومنذ ذلك اليوم وهم ينظرون إلينا نحن المدنيين (سيويل) بنظرة متعالية لا يخاطبوننا إلا زجرا ولا ينظرون إلينا إلا شزرا وذلك رغم أننا نحن من يدفع رواتبهم.


ستتعالى بعض الأصوات ممن اعتادوا الخنوع أن المؤسسة الأمنية والعسكرية هي خط أحمر! سادتي، حريتي أنا في التنقل هي أيضا خط أحمر وكرامتي كإنسان هي الأخرى خط أحمر حتى إن توجهي السياسي أحمر!


ما كل هذا التقديس لهؤلاء؟ ألأنهم حماة الديار؟ هي وظيفة ككل الوظائف لا يرغم أحد على ممارستها، يدفع مقابلها راتب نهاية كل شهر. وهنالك الآلاف المستعدون للقيام بها ويمنعهم فقط ضعف الوساطة!


المدرس هو كذلك خط أحمر وقد رأينا كيف عومل المعلمون والأساتذة في إضرابهم الأخير وما لا قوا من ضرب وتنكيل! وعمال المناجم خط أحمر مع أنهم يتعرضون للإذلال وحتى للقتل بدم بارد!


الأمر أبسط من هذا: قدسيتهم تكمن في أنهم يحملون سلاحا ونحن لا نحمله، لكن حين يطلب منهم استخدامه لدحر عدو أو للدفاع عن حدود، ينقلبوا على الحكم ويسجنوا الرئيس!


تذكروا جيدا، نحن من يدفع رواتبكم ومن يشتري أسلحتكم وسياراتكم وملابسكم ولا نطلب الكثير. عاملونا فقط بقدر من الاحترام لنعيش في وطن يضمن فيه لكل حقه، لا يزدرى فيه أحد.


عاشت قيم الجمهورية!


ويستمر النضال!

Etre Hartani aujourd’hui

Dernièrement, on a beaucoup parlé dans notre pays de l’esclavage et des Haratines. Beaucoup de nos citoyens ont fait preuve d’étonnement et de manque de compréhension envers leurs revendications. Beaucoup de Maures disent que l’esclavage n’existe plus, qu’il existe des lois qui l’incriminent. Pourquoi donc, s’interrogent-ils, tout ce battage ? N’avons-nous pas coexisté en paix durant des siècles? Qu’est-ce qui justifie ce discours raciste? A quoi sert l’incinération de livres et l’offensive dont font l’objet certains oulémas maures? Tout cela n’est-il pas du passé?



Pour leur répondre, il faut d’abord leur expliquer la signification de la condition d’ « esclave » ou d’ « hartani ». Ils doivent pouvoir se mettre à la place des autres pour mieux comprendre les choses.



Être hartani ou réduit en esclave signifie qu’aux yeux de la communauté, tu as un déficit de droits et tu te situes au bas de l'échelle sociale.

Être hartani ou réduit en esclavage signifie que tu n’existes que pour des têches physiques : élever les troupeaux, creuser les puits, planter les palmiers et égoger et dépecer les animaux.

Être hartani ou réduit en esclavage signifie que tu es privé de ton droit à l’éducation et des droits de propriété : tu ne peux posséder ni les animaux que tu élèves ni les terres que tu cultives.

Être hartani ou réduit en esclavage signifie que ta religion est incomplète : tu n’as pas à t’acquitter de devoirs religieux tels que la Zakat, le pèlerinage, la grande prière du vendredi… Même le mariage de ta propre fille est susceptible d’être annulé si tes maîtres ou les siens n’ont pas été consultés.

Etre hartani ou réduit en esclavage signifie que tu n’es pas membre à part entière d’un groupe tribal. Si la chance t’accompagne, tu n’appartiens qu’à un seul groupe. Mais tu peux aussi être la propriété de plusieurs : un quart de toi appartient à untel, une partie de toi est offerte à un autre dans le cadre d’une alliance ou d’un mariage…

Être hartani ou réduit en esclavage signifie que n’importe quel quidam, même s’il ne te connait pas, peut se permettre de te donner des ordres et s’attend à ce que tu lui obéisses.

Être enfant hartani ou réduit en esclavage signifie que tu fais le travail domestique pour la famille du maître ou que tu conduis une charrette à âne, pendant que les autres enfants vont à l'école, s’amusent et jouent ensemble.

Être hartani ou réduit en esclavage signifie que tes frères et sœurs sont dispersés dans différentes familles pour les servir et servir leurs descendants. Cela signifie que tu dois supporter de voir un gamin de 10 ans envoyer ta chère maman pour lui acheter des bonbons à la boutique ; que tu la vois porter sur elle les enfants d’autrui alors que personne ne te porte, toi, son propre fils ; que tu vois les jeunes maures respecter les personnes âgées et s’empêcher de fumer en leur présence, sauf avec ton grand-père qu’ils enfument et à qui ils empruntent insolemment des allumettes.

Cela signifie que tu vis dans une société qui enracine dans ton esprit que tu es inférieur aux autres, que la Raison n’existe pas au sein des Noirs et qu’il existe pas mal de choses qui échappent à ta modeste perception...

Etre hartani ou réduit en esclavage signifie que tu es inapte, aux yeux de cette société raciste, à épouser ses filles, même si tu es ministre ou quelque-chose de similaire.

Être hartani ou réduit en esclavage signifie que tu dois supporter de voir tes amis d'enfance, qui ont grandi avec toi dans le même quartier, monter les échelons hiérarchiques, alors que tu trimes dans le même bureau pendant vingt ans, si bureau il y a.

Etre hartani ou réduit en esclavage et servir dans l’Armée de ton pays signifient que tu supportes d’être exploité par un officier, de laver ses vêtements ou de conduire sa voiture.



Toutes ces pratiques ont été exercées au nom de la religion, avec l’approbation et la bénédiction des hommes du clergé (oulémas). Nous ne devrions donc pas être surpris par l’incinération de livres esclavagistes par les esclaves. A leur place je ferais la même chose, voire pire.



Cher lecteur:

Mettez-vous à leur place et réfléchissez bien à toute cette injustice pratiquée dans notre société au fil des ans ! Que feriez-vous si vous étiez à leur place? Accepteriez-vous cet état de fait ? Eux, ils ne l’acceptent plus. Et tout intellectuel qui se respecte dans ce pays ne peut pas l'accepter.



Frères haratines :

Levez-vous pour récupérer vos droits, pour libérer nos frères et les vôtres de l'esclavage et de l'ignorance. Faites-le pour une Mauritanie source de fierté, où l’homme n'opprime point son frère.

L’aube finira forcément par se lever.

Inévitablement, les Haratines se léveront, aussi.

jeudi 7 mars 2013

السلالة

تجمع صغار الحي من حولها وفي عيونهم فرحة طفولية يشوبها نوع من الخوف ممزوج بآثار نوم متبقية من ليلة البارحة، وقد شغلهم تسارع الحدث عن التفكير في غسل وجوههم إن كانوا قد غسلوها في الأشهر الثلاثة الماضية، ولكن الحدث يستحق كل هذه العجلة فاليوم ستدفن أمباركة حية بعد ما ثبت عليها جرم"السل".

فمنذ وفاة أحمد سالم إثر حمي مفاجئة ألمت به دامت فقط عدة أيام رغم أنه كان في عنفوان شبابه وجميع الأنظار موجهة إلي أمباركة .

رغم أنه لم يخطر ببال أحد في البداية ربط أمباركة بهذا الحدث إلا أنه بعد اتهام خديجة (عمة الفقيد) ل أمباركة أنها "سلت" ابن أخيها بدأ الشهود يظهرون من الفراغ، هذا يزعم أنه راقب أمباركة وهي تنظر إلي الفقيد نظرات حمراء نارية وهذا يحلف أيمان مغلظة أنه شاهد أمباركة بأم عينيه وهي تتحول إلي غراب يملأ سكون الليل بنعيقه ولم يعد للحي شاغل غير أمباركة وقواها الشريرة.

الوحيدة التي فوجئت بكل هذا هي أمباركة نفسها، بدت منكمشة علي نفسها نحيفة أشد ما تكون النحافة علي وجهها آثار ذعر مخلوط بنوع من التسليم والخنوع أكتسبهما وجهها من سنين الخدمة الطويلة.

أحمد سالم بالنسبة لها كان مثل الحفيد تربي علي يديها كما ربت والده وعمته وأرضعتهما مثل الكثيرين من أبناء الحي وبناته قبل أن يسمح لها سيدها أبوا أحمد سالم ( الذي ورثها عن أبيه) بترك الخدمة لكبر سنها ولكونها لم تعد تستطيع المساهمة في أعمال البيت من طبخ وجلب ماء...ومن يومها وهي تسكن في خيمة صغيرة مملوئة بالثقوب لا ترد حر الشمس ولا برد الليل، عالة علي أفراد الأسرة اللذين تربوا علي يدها الواحد تلو الآخر حيث لم يترك لها الدهر ولدا ولا بنتا بين من مات ومن بيع ومن أهدي.

أمباركة لم تستغرب مسألة واحدة هي أن الاتهام جاء من خديجة، فخديجة من أفراد العائلة كانت الوحيدة التي دوما تتذمر من كون أمباركة عالة عليهم -متناسية أنها خدمت أسرتهم أكثر من 60سنة- هي لم تسامح أمباركة أبدا أنها أرضعتها وفي نفس الوقت أرضعت ابن عمها سيدي حسنة الذي كانت تحبه وكان قد تقدم فعلا لخطبتها لكن الزواج لم يتم بسبب الرضاعة المذكورة ومن يومها وخديجة بائرة في بيت أهلها

"سلالة" "سلالة".. واصل الصغار صياحهم ولكن هذه المرة بصوت أعلي بعد أن لاح محمد محمود (مرابط اللوح وحجاب الحي) في الأفق يلبس دراعتين إحداهما زرقاء والأخرى كانت يوما بيضاء لكنها بسبب الشمس وعدم الغسيل اتخذت لونا أقرب إلي الصفرة، متحزما بحزام من الجلد وكالعادة من دون سروال .بدأ يقترب ببطء ووقار شاعرا بالأهمية التي أضفتها عليه المناسبة.

في البداية لم يكن مقتنعا بمسألة "السل" عند ما سمع بها أول مرة ولكن بعد توافد نساء الحي عليه طالبات منه أن يرقي أولادهن ضد "السل" -مقابل كل حجاب جدعة من الغنم- بدأت الفكرة تعجبه. تمتم ببعض الآيات القرآنية بعضها بصوت مسموع وبعضها بصوت أخفض ليلتفت بعد ذلك إلي رجال الحي للتشاور معهم في أمر أمباركة: كما تعلمون جميعا لا يوجد حكم شرعي واضح لمعاقبة "السلالة" ولكن يمكن قياسها علي الساحرة وتلك في الراجح تقتل. تبقي فقط طريقة القتل، في الأحياء المجاورة جرت العادة بردم السلالات وهن أحياء بعد ضربهن وتعذيبهن لنزع اعتراف منهن وتوبتهن من ما اقترفن، ولكن للأسف أمباركة لم تعترف رغم استخدام جميع الوسائل معها تزعم كل الوقت أنها ليست سلالة مما أدخل في بال البعض أنها ب الفعل قد لا تكون، ولكن كيف نكذب أحد أعيان الحي وأشرافه وإمامه الذي استخار خصيصا لهذا الأمر وثبت عنده ونصدق "أعزوز أخدم سلالة".

في الأخير اتفق رأي الجميع علي حفر حفرة جنب أحد كثبان الرمال وتقييد أمباركة ورميها فيها. أخيرا استقرت أمباركة في الحفرة لتتناثر حبات الرمال فوقها كل يحمل ما استطاع لتختفي أمباركة شيئا فشئا تحت رمال الصحراء الحارقة المنتظرة لامباركة أخري ومتأكدة أن انتظارها قد لا يطول.

samedi 2 mars 2013

مهلا يا هؤلاء

تنصب مبادرة لا للإباحية نفسها منذ مدة رقيبا على المجتمع بإرهاب فكري قل مثيله وكانت آخر خرجاتها رسالة تهديد ووعيد لعدة فنادق في نواكشوط تأمرها فيها بضرورة فحص شهادات زواج الأجانب قبل السماح لهم باستئجار غرف. مهلا يا هؤلاء!
لقد كنا قبل أموال الخليج وقبل نقاب الخليج وقبل وهابية الخليج مجتمعا مسلما يحترم للآخر خصوصيته ولا يرى في المرأة أداة جنسية كما ترونها بل يراها أما وصديقة وأختا وزميلة، ليتغير كل هذا منذ اليوم الأسود الذي طلعتم علينا فيه بشعاراتكم التي لا ترى في المرأة سوى شيطان ينبغي تصفيده والتي لا تجد ما تخدم به المجتمع سوى شن الحرب على الاختلاط في الأعراس والمدارس وسحب البساط من تحت الموسيقى لتترك الأشرطة حكرا على مشاييخ الوهابية.
سادتي لن تجعلوا منا دولة طالبانية ولا وهابية كبعض الدول التي لم تجن من تطرفها سوى صناعة الارهابيين وانتشار زنا المحارم واغتصاب الأطفال وحيث المرأة مجردة من جميع حقوقها بما في ذلك حق سياقة السيارة وحيث ينظر إليها ككائن عليه أن يظل ناقص الأهلية مهما أوتي من علم ومهما بلغ من العمر.
إن اختصار الأمر بالمعروف في التدخل في خصوصيات الآخرين والتضييق على الحريات الفردية وتحريم الفنون الجميلة هو أمر مردود على أصحابه.
لماذا لا نسمع هؤلاء ينددون بالأدوية المزورة التي تقتل سنويا الآلاف في مستشفياتنا؟ لم لا يتحدث هؤلاء عن ثرواتنا التي تنهب يوميا؟ عن الآلاف الذين لا يملكون فرصة للتعليم؟ عن الظلم والتهميش الذي يعاني منه جل مجتمعنا؟
إن كل همهم وهوسهم أن إحداهن أظهرت ساقها أو بعضا من شعرها أو أن أحدهم اختلى خلوة غير شرعية بإحداهن.
إنها قلوب مريضة ترى الجنس في كل شيء وترى الشهوة في كل مكان.
غضوا أبصاركم وأصلحوا قلوبكم وساهموا في بناء وطنكم بما يخدمه وسخروا طاقاتكم لرفع الظلم عن المظلومين واتركوا الناس وشأنهم فلن تقبروا معهم في قبر واحد.

jeudi 21 février 2013

معني أن تكون مستعبدا أو حرطانيا

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن المستعبدين والحراطين في بلادنا وأبدي الكثير من مواطنينا عدم التفهم وكثيرا من الاستغراب لمطالب هؤلاء، وحسب الكثير من البيظان فإن العبودية لم تعد موجودة وتوجد قوانين لتجريمها، إذا لم كل هذه الضجة؟ ألم نعش في سلام طيلة قرون؟ لماذا هذا الخطاب العنصري؟ لماذا يحرق هؤلاء الكتب ويهاجموا بعض علماء البيظان؟ أليس كل هذا من الماضي؟
لإجابة هؤلاء وجب توضيح ما معني أن تكون مستبعدا وما معني أن تكون حرطانيا ؟
وعليهم وضع أنفسهم مكان الآخر لفهم الأمور بشكل أحسن.
أن تكون حرطانيا أو مستعبدا يعني أنك إنسان ناقص الحقوق بالنسبة للمجتمع وفي أسفل السلم الاجتماعي .
أن تكون حرطانيا أو مستعبدا يعني أنك خلقت للأعمال الجسدية تقوم برعي الغنم وحفر الآبار وغرس النخيل وسلخ الحيوانات.
أن تكون مستعبدا أو حرطانيا يعني أنك محروم من التعليم والتحصيل لا تملك حقا في الغنم التي ترعي ولا نصيبا من الارض التي تحرث.
أن تكون مستعبدا أو حرطانيا يعني أن دينك ناقص فلا زكاة تجب عليك ولا حج ولا جمعة وحتي ابنتك ان أردت تزويجها يمكن فسخ زواجها إن لم تشاور أسيادك وأسيادها .
أن تكون مستعبدا أو حرطانيا يعني أنك لست من الفلانيين بل أنت إذا كنت محظوظا للفلانيين أما إذا لم تكن محظوظا فربعك لأهل فلان وثلثك ورثته فلانة من تركة والباقي أعطاه فلان في نذر .
أن تكون مستعبدا أو حرطانيا يعني أن كل من هب ودب يمكن أن يعطيك أوامر حتى لو لم يكن يعرفك وينتظر منك فقط تنفيذها .
أن تكون مستعبدا أو حرطانيا يعني أن تقوم كطفل بأعمال المنزل وشراء الحاجات أو سياقة "شارتات" بينما الاطفال الآخرون في المدرسة أو في اللهو أو للعب.
أن تكون مستعبدا أو حرطانيا يعني أنك إخوتك وأخواتك متفرقون بين المنازل تخدمون الآخرين وأبناءهم، يعني أن تري والدتك العزيزة يرسلها صبي لم يبلغ العاشرة لشراء الحلوي له من الدكان وتراها تحمل اطفال الآخرين وأنت لا أحد يحملك.
ان تري شباب البيظان يحترمون كل كبير ولا يدخنون أمامه إلا جدك فإنهم يملؤونه من الدخان بل يطلبون منه أعواد الكبريت بكل وقاحة.
يعني أن تعيش في مجتمع يزرع في عقلك أنك دوني وأنه لا يوجد العقل في السودان وأن هناك الكثير لا يبلغه إدراكك.
أن تكون مستعبدا أو حرطانيا حتى ولو كنت وزيرا أو ما شابهه تبقي في نظر المجتمع العنصري عبدا ولا يراك كفؤا لبناته.
أن تكون مستعبدا أو حرطانيا يعني أن تري أصدقاءك في الحي أيام الطفولة يرتقون في الوظائف وأنت تكد في نفس المكتب المتواضع منذ عشرين سنة إن كان لك مكتب.
أن تكون مستعبدا أو حرطانيا وتريد خدمة وطنك في الجيش فيعني أنك في الغالب تستخدم من قبل أحد الضباط تغسل الملابس، تسوق السيارة.
كل هذه الممارسات مورست وتمارس باسم الدين وبقبول ورضي من رجال الدين وعلينا أن لا نستغرب كثيرا إذا أحرق المسعبدون لحراطين كتب النخاسة فولله لو كنت مكانهم لحرقتها وزدت علي ذلك.
أخي القارئ ضع نفسك مكان هؤلاء، فكر جيدا في كل هذا الظلم علي مر السنين، في كل هذا الغبن في مجتمعنا! ماذا كنت فاعلا لو كنت مكانهم؟ هل ترضي بهذا الواقع؟ هم لم يعودوا راضين به وأي مثقف يحترم نفسه في هذا البلد لا يمكن أن يرضي به.
إخوتي الحراطين سيروا لأخذ حقوقكم وتحرير إخوتنا وإخوتكم من سلاسل العبودية والجهل من أجل موريتانيا يفخر الجميع بانتمائهم إليها، لا يظلم فيها الانسان أخاه الانسان.
هنالك فجر قادم لا محالة، الحراطين قادمون.

jeudi 7 février 2013

شر السلاح الأدمع


فعلها الظلاميون مرة أخرى في تونس الحبيبة قتلوا شكري بلعيد قتلوه فقط لأنه يخالفهم الرأي قتلوه فقط لأنه كان يحلم أن تعيش ابنتاه في تونس حرة وتقدمية قتلوه لأنه قال لا لتحويل تونس إلى إمارة طالبانية والرجوع بها أربعة عشر قرنا إلى الوراء والقتل ليس جديدا على هذه المجموعات الإرهابية بالأمس قتلوا فرج فوده وبالأمس القريب أفتى الغنوشي بهدر دم العفيف الأخضر واللائحة تطول...

 

تجب معاقبة من أطلق الرصاصة ولكن المجرم الفعلي هو ذلك الذي الذي وضع يده على الزناد بفتاوى تحل دم كل من يخالفهم الرأي أنسي هؤلاء أن بلعيد ورفاقه هم من فجر الثورة في تونس ومن دافع عنهم يوم كانوا يقبعون في سجون بن علي ؟ ربما قتلتم بلعيد لكن أفكاره ونضالاته باقية في عقول وقلوب ملايين الشباب في تونس بل وفي الوطن العربي كله ونضالهم سينتصر لا محالة ضد عشاق الظلام أعدا الحياة .

 

وفي الأخير ستنتصر الكلمة على رصاص الغدر عشت مناضلا ومت واقفا ثابتا على مبادئك وستبقى خالدا في أذهاننا حاضرا في وجداننا.

 

اعذروني لا أستطيع أن أكمل المقال لأن الدمع غلبني وشر السلاح الأدمع

 

ألحُزْنُ يُقْلِقُ وَالتَجَمُّلُ يَرْدَعُ ..... وَالدّمْعُ بَيْنَهُمَا عَصِيٌّ طَيِّعُ

 

يَتَنَازَعانِ دُمُوعَ عَينِ مُسَهَّدٍ...... هَذا يَجيءُ بهَا وَهَذَا يَرْجِعُ