قبل أيام أعلن عن مبادرة تسمي نفسها "أنصار الشريعة"، استهلت نشاطاتها بمهرجان استعراضي تحدثت فيه عن رؤيتها لتنقية التشريع الموريتاني. يظن هؤلاء أنه فقط بقطع الأيدي والرقاب ستحل كل مشكلاتنا الاجتماعية والاقتصادية وسنعيش في دولة فاضلة. لكن أليس من الأجدى قبل الحديث عن قطع الايدي المطالبة بتوفير الغذاء والدواء والعدل للفقير؟ وهل يحق لمن سكت طويلا علي الظلم والعبودية واحتقار الآخر أن يحمل فجأة لواء شرع لله؟
يختزل هؤلاء شرع لله في الحدود وفي التضييق علي المرأة باعتبارها عورة، تري أحدهم يتزوج إحداهن ويمنعها من التعليم لتلد له حفنة من الأطفال قبل أن يرميها معهم دون نفقة (في موضوع النفقة لا يراعون شرع الله!) ليتزوج أخري وأخري...؛
تري أي شريعة يريدون تطبيقها؟ شريعة السعودية التي تقطع يد الفقير السارق وتقبل يد الأمير الذي سرق هو كذلك ولكن المليارات؟ أم شريعة انصار الدين الذين جوعوا أهلنا في مالي وقطعوا يد من سرق دجاجة لسد رمقه، أم شريعة ولد هيدالة التي كانت تقطع أيدي الحراطين وتترك أبناء العائلات؟
ألم يحن الوقت لقراءة جديدة للنص؟ للنظر فيما هو أبعد من الشعارات البراقة؟ ثم للنظر فيمن يحملون هذه الشعارات مفصلة حسب أهوائهم ومصالحهم ليجنوا بها على الاسلام والمسلمين؟
هل كل من كان موجودا في هذه التظاهرة يحترم شرع لله في كل ما يعمل؟ شاهدت بعض الاشخاص أعرفهم سبق وساندوا الظلم ونهبوا مؤسسات ووزارات أوكلت إليهم، شاهدت أحد أكبر موردي الأدوية المزورة في البلد، وآخرين يستوردون فقط البضاعة المزورة من الصين وآخرين هم سبب زحمة المرور لا يراعون الاضواء الحمراء وآخرين يتهربون من الضرائب وآخرين لا يدفعون نفقات ابنائهم وآخرون يمنعون بناتهم من الزواج لأن من تقدم إليهن ليس كفؤا وآخرين يسرقون أموال الناس القادمة من الخليج.
كفانا نفاقا، علي كل واحد أن ينظر لنفسه ويكون مثاليا في تصرفاته وأن يعين بني وطنه ويقف في وجه الظلم، عندها وعندها فقط يمكنك أن تخرج لتطالب بشرع الله، أما حين تكون ظهيرا للمجرمين، لاهثا خلف مصالح أنانية، قاصرا عن فهم متغرات العصر، فالأجدى أن تتدثر بلحاف آخر يليق بك وتليق به.
لا أستغرب أبدا أن تكون أيادي النظام خلف مباردة كهذه في مسعى لسحب البساط من تحت حزب تواصل المعارض ذي التوجه الاسلامي وذلك ما يدعمه الحضور اللافت للرسميين! لكن أكثر ما أخشاه أن ينقلب السحر علي الساحر!
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire