lundi 18 mars 2013

إلا المتنبي

دهشت كثيرا من تحامل الأستاذ الموقر محمد الأمين ولد الفاظل علي أكبر أعمدة وأساطين الشعر العربي وحتي لا يكون السكوت علامة للرضي وجب الرد.
المتنبي مالئ الدنيا وشاغل الناس لا يجوز ولا يمكن إختصاره في شاعر مرتزق بلا مبادئ ونسبة بيت من ركيك الشعر إليه, لو غيرك فعلها يا ابن الفاضلين!
كان المتنبي يملك روحا متمردة وطموحا بلا حدود ولم يكن المال غاية له دوما:
وَمَا رَغْبَتي في عَسْجَدٍ أستَفيدُهُ وَلَكِنّها في مَفْخَرٍ أسْتَجِدّهُ
مدح سيف الدولة ورافقه في كثير من حروبه ومدحه بأحسن ما قيل من شعر ولكن عندما لاحظ عدم تقدير هذا الأخير له وميله إلي حاسديه من أمثال أبي فراس شد الرحال إلي كافور، فأبوالطيب لا يرضي بالضيم:
وَما كُلُّ مَن قالَ قَولاً وَفى, وَلا كُلُّ مَن سيمَ خَسفاً أَبى
كان صاحبنا ضحية لزمانه فلا دولة مركزية ولا خليفة قوي يقصد، يؤرقه طموحه اللا محدود ولا يثنيه شئ عن هدفه:

إذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرُومِ *** فَلا تَقنَعْ بما دونَ النّجومِ
فطَعْمُ المَوْتِ في أمْرٍ حَقِيرٍ *** كطَعْمِ المَوْتِ في أمْرٍ عَظيمِ

وفي مجلس كافور مدحه بأحسن وأجود ماقيل من شعر ولكن ذاكرتنا الانتقائية العنصرية احتفظت فقط بهجائه له:

قَوَاصِدَ كَافُورٍ تَوَارِكَ غَيرِهِ*** وَمَنْ قَصَدَ البَحرَ استَقَلّ السّوَاقِيا
فَجاءَتْ بِنَا إنْسانَ عَينِ زَمانِهِ *** وَخَلّتْ بَيَاضاً خَلْفَهَا وَمَآقِيَا
وقد مدحه بسواده وأنشأ قصائد لتفضيل السواد علي البياض:
مُنىً كُنَّ لي أَنَّ البَياضَ خِضابُ *** فَيَخفى بِتَبيِيضِ القُرونِ شَباب
لَيالِيَ عِندَ البيضِ فَودايَ فِتنَةٌ *** وَفَخرٌ وَذاكَ الفَخرُ عِندِيَ عابُ
فَكَيفَ أَذُمُّ اليَومَ ما كُنتُ أَشتَهي *** وَأَدعو بِما أَشكوهُ حينَ أُجابُ

وقصائد استعطاف هي درر الشعر العربي
:
أرى لي بقربي منك عينا قريرة *** وإن كان قربا بالبعاد يشاب
وهل نافعي أن ترفع الحجب بيننا *** ودون الذي أملت منك حجاب
أقل سلامي حب ما خف عنكم *** وأسكت كيما لا يكون جواب
وفي النفس حاجات وفيك فطانة *** سكوتي بيان عندها وخطاب
وما أنا بالباغي على الحب رشوة *** ضعيف هوى يبغى عليه ثواب

و عندما يئس صاحبنا من مواعيد كافور فارق مصر يحركه مرة أخري طموحه وحلمه بمجد لن يتحقق ولم يكن المال كما تفضلتم هو
 دافع صاحبنا لمدح هذا أو ذم ذاك ويتجلي ذلك واضحا في مدحه لأبي شجاع:
لا خَيْلَ عِندَكَ تُهْديهَا وَلا مالُ *** فَليُسْعِدِ النُّطْقُ إنْ لم تُسعِدِ الحالُ
وَاجْزِ الأميرَ الذي نُعْمَاهُ فَاجِئَةٌ *** بغَيرِ قَوْلٍ وَنُعْمَى النّاسِ أقْوَالُ
فَرُبّمَا جَزَتِ الإحْسَانَ مُولِيَهُ *** خَريدَةٌ مِنْ عَذارَى الحَيّ مِكسالُ
وَإنْ تكُنْ مُحْكَماتُ الشّكلِ تمنَعُني *** ظُهُورَ جَرْيٍ فلي فيهِنّ تَصْهالُ
وَمَا شكَرْتُ لأنّ المَالَ فَرّحَني *** سِيّانِ عِنْديَ إكْثَارٌ وَإقْلالُ
وفي رثائه له أصدق المشاعر:
الحزن يقلق والتجمل يردع *** والدمع بينهما عصي طيع
يتنازعان دموع عين مسهد *** هذا يجيء بها وهذا يرجع
النوم بعد أبي شجاع نافر *** والليل معي والكواكب ظلع
إني لأجبن من فراق أحبتي *** وتحس نفسي بالحمام فأشجع
ويزيدني غضب الأعادي قسوة *** ويلم بي عتب الصديق فأجزع
تصفو الحياة لجاهل أو غافل *** عما مضى فيها وما يتوقع
ولفهم روح المتنبي المتمردة وحلمه بالمجد لنستمع إليه هائيته الشهيرة:
وَأتْعَبُ خَلْقِ الله مَنْ زَادَ هَمُّهُ
وَقَصّرَ عَمّا تَشتَهي النّفس وَجدُهُ
فَلا يَنحَلِلْ في المَجدِ مالُكَ كُلّهُ
فيَنحَلَّ مَجْدٌ كانَ بالمالِ عَقدُهُ
وَدَبِّرْهُ تَدْبيرَ الذي المَجْدُ كَفُّهُ
إذا حارَبَ الأعداءَ وَالمَالَ زَنْدُهُ
فَلا مَجْدَ في الدّنْيَا لمَنْ قَلّ مَالُهُ
وَلا مالَ في الدّنيا لمَنْ قَلّ مَجدُهُ
وَفي النّاسِ مَنْ يرْضَى بميسورِ عيشِهِ
وَمَرْكوبُهُ رِجْلاهُ وَالثّوْبُ جلدُه
وَلَكِنّ قَلْباً بَينَ جَنْبَيّ مَا لَهُ
مَدًى يَنتَهي بي في مُرَادٍ أحُدُّهُ
يَرَى جِسْمَهُ يُكْسَى شُفُوفاً تَرُبُّهُ
فيَختارُ أن يُكْسَى دُرُوعاً تهُدّهُ
يُكَلّفُني التّهْجيرَ في كلّ مَهْمَهٍ
عَليقي مَرَاعِيهِ وَزَاديَ رُبْدُهُ
وكان أحري بك وأنت تلميذ المعري وهو صاحب كتاب "معجز أحمد" أن تظهر بعض الإحترام لصاحبنا وكفي المتنبي فخرا أنك إذا فتحت أي كتاب من كتب اللغة كان ترتيب الشواهد قال الله وقال الرسول وقال المتنبى, فلا مجال لحشره مع شعراء ال SMS والبرامج الترفيهية.
مع كامل الود
أحد مريدي أبي الحسين

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire