mercredi 1 février 2012

أكره اللامبالين.. إنهم الثقل الميت للتاريخ

أكره اللامبالين.. إنهم الثقل الميت للتاريخ*
محمد السالك ولد ناجم (موريتانيا)

"اللامبالاة هي قوة مؤثرة في التاريخ.. إنها تعمل بشكل سلبي لكنها تعمل... أنا أعيش إذا أنا أتخذ موقفا، لهذا السبب أكره ألئك الذين لا ينحازون لقناعاتهم.. أكره ألئك اللامبالين". آنطونيو غرامشي.

اللامبالاة هي أخطر عدو للشعوب، ومأساة اللامبالي أنه يحسب دوما أن كل الأشياء والتغييرات لا تعنيه، لكنه في النهاية يؤكل يوما ما كما أكل الثور الأبيض.

في خضم الحرب العالمية الثانية، قال القس الكاتوليكي نيوملر مقولته الشهيرة التي تلخص موقف الشعب الألماني من فظائع النازيين: "عندما أخذ النازيون الشيوعيين لم أقل شيئا لأنني لم أكن شيوعيا، وعندما أخذوا اليساريين والنقابيين لم أقل شيئا لأني لم أكن أيا منهما، وعندما أخذوا اليهود لم أقل شيئا لأني لم أكن يهوديا، وعندما جاءوا لأخذي أنا لم يبق هناك أحد آخر ليعترض"!

تذكرت هذه المقولة وأنا أطلع مؤخرا على دعوة وجهها بعضهم لإنشاء هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في بلادنا، التي ليست سوى تعبير عن الرغبة في تقييد الحريات الفردية، وفي مرحلة لاحقة الرجوع بالمرأة عشرة قرون إلى الوراء تمهيدا لحرمانها من حقوقها في التعليم والعمل والمسؤولية عن تصرفاتها.

إن اختصار القيم والأخلاق في عضو ظاهر من المرأة يدل على حاجة ماسة إلى زيارة طبيب نفسي، وإن المطلع على تجارب دول مثل السعودية وإيران وأفغانستان طالبان، لا يمكن أن يتمنى لشعبه خوض مثل تلك التجارب المليئة بالرعب وانتهاك حقوق الأفراد، ذلك أن وضع المرأة هناك بلغ درجة من التردي أصبحت معها تستجدي السماء وتبذل المستحيل من أجل الحصول على حق امتلاك رخصة قيادة سيارة!

هذا بالإضافة طبعا إلى المضايقات في الشارع لأنها أظهرت عينا أو أنفا، وإلى الضغوط النفسية والإحساس الدائم بالذنب وبالدونية، لأن المرأة بالنسبة لأولئك كائن شرير ينبغي تركه مصفدا ومغلفا للحفاظ على الرجل ذلك الحيوان الضعيف الذي تنبغي حمايته على الدوام من إغواء ذلك الجسد الشيطاني!

وما قد يفوت هؤلاء أن الأثر السيئ لتلك الهيئة، قد قاد مؤخرا علماء سعوديين من بينهم عبد المحسن العبيكان ، مستشار الملك، للمطالبة بإلغائها.

غير أنني أمام هذه الدعوة أجدني مضطرا لأن أقترح على إخواننا الداعين للهيئة، أن يجربوا أولا محاولة السيطرة على مشاعرهم ويتعلموا كيف يخفضوا أبصارهم، فإن لم يستطيعوا فاقترح عليهم وضع نظارات سوداء قاتمة وعلى الدولة أن توفر لهم "رفيقا" يلازمهم ليدلهم على الطريق ما داموا غير قادرين على التعايش مع مجتمع طبيعي متعدد الأجناس والثقافات.

والواقع أن توقيت هذه الدعوة –التي تزامنت مع ما يبدو وكأنه مد للقوى الظلامية- يفضح نوايا القائمين عليها باعتبارها نوايا سياسية أكثر منها دينية، تهدف بالأساس لمجاراة الموضة السلفية في بعض الأقطار العربية.، تلك الموضة التي سادت بعد سقوط دكتاتوريات فرضت الجهل والخوف والتخلف على شعوبها.

إن انتصار تلك القوى الظلامية هو انتصار مؤقت، ولاحقا سيتبين زيف خطابها للجماهير، لكني أتمنى من كل قلبي أن لا يكون ذلك بعد فوات الأوان.
......................................................................................................
* أنطونيو غرامشي

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire